fourth prize

بريق الغد- صراع فريدة

المرتبة الأولى
 | 
فريدة محمود أبو قطيش

مجدّدًا صراع كبير في داخلي، أشبه بحلبة مصارعة عدوانيّة من شدّة قوّته كهجوم حيوانات مفترسة على بعضها بين شخصيّتين، الأولى المستسلمة والثانية المتمرّدة. الأولى تبدو كالمهرِّج مظهرها سعيد للغاية من الخارج، لكن من الداخل قلبها مُحطّم، كتحوّل الحطب إلى رماد فحم. تبدو سعيدة مع ابتسامة برّاقة وكلام لطيف يروق لكلّ أُذن تسمعه كنوته موسيقيّة عذبة، كلامُها يمُدّ الجميع بالطاقة الإيجابيّة وتستمع لكلّ ما يقولون، يعتقدون أنّه مع انعدام رأيها والموافقة عليه، لكنّ تلك الطاقة التي تمُدّهم بها على حساب راحتها النفسيّة، رغم آلامها تُظهر الابتسامة المحسودة عليها مسبقًا، وعند بقائها وحيدة تذرف دموعًا لا تنتهي، كغيمة تُمطِرُ بشدّة طوال الشتاء دون توقّف، كعجوز حزينة لأنّها كانت تبكي طوال عمرها. إنّها ضعيفة وهشّة من كلام الناس. تبدي الموافقة لكنّها في أعماقها هي رافضة لهذا بشدّة، تائهة كتيه طفلة وسط الغرباء.  نبع فيها جانب آخر من تلك الشخصيّة، هي التي لا تستمع لأحد ولو كانت نصيحة، تُخرج كلّ ما في بالها دون مراعاة لمشاعرهم كصخرة قويّة تفتّت إلى مليون قطعة بسبب كلامها، تريد التحرّر، وإن آلمها أحد تستد من اخر، تحسد الكثيرين فتؤذيهم لكن لا يعالجها ذلك. مُتعب جدًّا أن تتواجد شخصيّتان داخلك دون المقدرة على التخلُّص من واحدة لأنّ كلتيهما تعبّران عنّي ولن استغني عن إحداهما لأنّ مستقبلي معتمد عليهما. فكرة في داخلي. أريد أن أصبح كاتبة فالكتابة تسعدني جدًّا مرّة أخرى صراع في حلبة الملاكمة بين المستسلِمة والمتمرِّدة. مجدّدًا تبدأ المستسلمة بالمهاجَمة: لا. عليك أن تدرسي شيئًا تكرهينه. ادرسي الطبّ لأنّهم أرادوا لك ذلك، حتّى لو دمّرك نفسيًّا. تبدأ المتمرّدة بالانفعال وتردّ وتهجم: لن أكون طبيبة لأني لا أحبّ ذلك لا اهتمّ لهم، ولا لمن يعتقد أنّني سأكون كاتبة ناجحة. كلّ الناس رأيهم غير مهمّ بالنسبة لي، هم ليسوا أنا ليقرّروا ما أكون أو يدعموني لمواصلة حلمي. تتمالك المستسلِمة نفسها لتواصل الهجوم: قالوا إنّك غبيّة لن تستطيعي النجاح. استمعي لهم وادرسي كما طلبوا منك لتصبحي طبيبة. اذهبي لتشجيع صديقتك لمواصلة أحلامها ولا تهتمّي لحلمك بان تصبحي كاتبة. تبدأ المتمرّدة بالتألّم فتخرج ضربة عنيفة لها: كنت غبيّة أو لا، لا أكترث لأمرهم حتّى لو طلبوا الدراسة لأصبح طبيبة، تلك غايتهم وليست غايتي يحاولون فرض رأيهم ولا أهتمّ. لن استمع حتّى لمن يشجّعني لمواصلة حلمي وسأقنع صديقتي بأنّها لن تستطيع النجاح لأنّي أريد أن أستطيع تحقيق حلمي، ولا أريدها أن تحقّق مرادها. تبدأ الاثنتان بعد كلّ هذا الجدال بالتعب وتنهار قوّاهما مثل أن تتسلّق جبلًا وتصل إل القمة ولا تستطيع النهوض. لكن هل هذا معناه الاستسلام؟  كانت نتيجة المباراة التعادل. قرّرت الاثنتان عدم مواصلة القتال والاندماج لتكونان فريدة، كَوّنَتاني، صنعت شخصيّة رائعة لا مثيل لها. فريدة كإِسمي، أمامي مستقبل مشرق ومليء بالنجاحات. أشعر بالراحة وسط غرفتي، تنبعث موسيقى هادئة تنحدر دمعة من عيني ليست كالتي عهدتها، بل دمعة سعادة وانتصار. اتصفّح مواقع الأخبار لأجدَ اسمي في أوّلها تحت عنوان: أفضل كاتبة. أبدا بفتح عيني ببطء، لم يكن حلمًا بل هدفًا أمامي أحقّقه من الآن، ليُشِعّ مستقبلي. قررت إتّباع حلمي والنجاح، أؤمن بنفسي وسأساعد الآخرين في ذلك عن طريق الكتابة، فالكتابة هي المستقبل الذي أمامي. تلك الكرة التي أودّ تسديدها في مرمى مستقبلي لاهتف بصوت عالٍ لقد نجحت وفعلتها. أصف مستقبلي بأنّه شمس وسط عتمة الليل.

استدلال القضاة

الأعمال الفائزة

المواضيع التي نالت إعجاب اللجنة